تارخ النزول

Posted by By Truth Seekers On 21.07

 لايخفى علينا ان حضارة المسلمين من عصرظهورها ونشأتها فى شبه جزيرة العرب تحت لواء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, قد اتجهت واعتمدت مباشرة الى ما يسمى "النص الالهي" وهوالقران الذى قرر فيه ربنا المناهج الربانية والمشارع الالهية. ومن ثم, فليس من الغريب والعجيب عندما يقول  نصر حامد ابوزيد بان حضارة الاسلام شبيهة الى حد بعيد" بحضارة لنص"...! 

فاصبح ذلك النص وسيلة الاعلام بين الخالق والمخلوق, بين "عالم الاله" وعالم الخلق, بين المتعالية و المتسافلة. اذن, ليس من قبيل التبسيط, ان ذلك النص ليس باالنص فى معناه العادي بل له قيم اخرى ونواح عدة كاملة زائدة على ما فى معنى النص وحده, فلاتستخدام لفظة "النص" الا دلالة على ظاهرالحال.  فلذلك كان القران اعظم معجزة كانت, فبالطبع لرسولنا الكريم خصوصا بالنسبة الى من يوحى اليه القران ورحمة لجميع الخلق بالنظر الى وظيفة القران " هدى للناس وبينات من الهدى " و " تبيانا لكل شيئ "........

فمن المباحث والمشاكل القرانية التي يهتم بها المعالجون باهتمام جدير, المشكلة التارخية فى القران. وتندرج تحتها : تارخ نزول القران, كيفية نزوله الى محمد, المكي والمدني, علم 
اسباب النزول, ومااشبه ذلك من المشاكل التارخية..

فنحن الان, نشرع فى تحليل هذه المشاكل القرانية. و نخص بالبحث : الترتيب الزمنى فى نزول القران, ويدخل فيه تارخ نزول القران وما يتعلق به وعلم المكي والمدني بين سور القران. وبالاغلب ايضا, نأخذ المادة هنا من المراجع الاساسية على ما فى "منهج" من كتاب "المباحث فى علوم القران" للصبحي صالح مع "الموسوعة القرانية" الذى قام بجمعها المساهمون المعالجون من أنحاء العالم, مثل خالد ابو الفضل, محمد أركون, نصرحامد ابوزيد, وغيرذلك ..  وبجانب ذلك, نزيد مادة قليلة من كتب أخرى تتمة للبحث.واخرا نقول لكم _ وليس على فعلنا مزيد, فلكل زمان تجديد_ (شيخ نووي البنتاني) .......   والله يقضى بالرضا والرحمة, لي ولكم ولجميع الامة ...!!

        

المبحث الاول : تارخ نزول القران
نظرية علماء السلف

اخبرنا التارخ بان الجدل فى هذه المشكلة يجري مجرى السيل فى الخطاب الاسلامي من حين نشأته الى الان. عندما نفتح المصادرالاساسية للسلف, كثيراما نجد الجدل العلمي فيها. وبالنسبة الى مادتناالان, قد اختلف فيها السلف على اقوال كثيرة. و ادعى كل واحد منهم بتصويب رأيه ومشغول بذم غيره, وكل فرقة يقررون بانهم مذهب اهل الحق. و نأخذ هنا مذهب جمهور الاشاعرة وكيلا عن السلف. وضع اكثرهم مادتنا هذه تحت مبحث صفة الكلام احد الصفة الواجبة فى حقه تعالى. قبل ان نخطو نحوالمسألة, هناك المواضع الاساسية ترتبط ارطباطا وثيقا بمادتنا. قسم السلف صفة الكلام على نوعين : المدلول والدال. فالمدلول هو الكلام الالهى الازلي وعبر بعضهم بكلام نفسي, وعلى هذاالمعنى يطلق "صفة الكلام". ومن اوضح التقرير عندهم, ان هذاالكلام ليس فيه حرف ولاصوت منزه عن التقدم اوالتأخر والاعراب والبناء. ولايعلم صورته الحقيقية الاالله وحده. واماالدال فالكلام فيه حرف و صوت المشتمل على تقدم او تأخر, الدال على وجود الكلام المدلول, وهو  الالفاظ الشريفة المنزلة على محمد وهوالقران, و حكم هذاالكلام حديث. ومع ذلك, كل ما يفهم من هذه الالفاظ مساو لمايفهم من الصفة القديمة. وفى عبارة اخرى, فهذا الدال, حديث من حيث ظاهرالحال, وقديم بالنسبة الى حقيقته الاصلية. وكيف ترتيب نزوله الى محمد ؟ ...

ذهب جمهورالاشاعرة بان اطلاق القران يرجع الى الصفة القديمة والالفاظ الشريفة. الا ان الالفاظ الشريفة مخلوقة مكتوبة فى اللوح المحفوظ. نزل بها جبريل على محمد فى عشرين سنة بعد ان نزلت دفعة واحدة نقلا عن اللوح المحفوظ فى بيت العزة محل فى سماءالدنيا فى ليلة القدر.
[1]



هل نزل عليه القران لفظا ومعنى ؟ نعم, هوالاصح عندهم, وقيل معنى فقط.













نظرية المعاصرة
قد اشع القران على ممرالعصور باشعاع رحمة للعالمين, ليس للمسلمين فحسب فاصبح كل افاق منورة بضيائها. لا يزداد التطور الانساني الا والقران مساعد و مؤيد بذلك. كان القران فى هذاالعصر اعظم مواضع البحث الذى قام به المعالجون من انحاء العالم بالغوص فى بحر حكمه. ومن ثم, نشأت منتجات الفكرالجديدة المتنوعة على وجه الخطاب الاسلامي. و بالنسبة الى المسئلة التى كنا بصددها الان, هناك النظريات المعاصرات عن التارخ القراني.
جدير بالملاحظة, بان الاشياء لاتصح ان تكون منفكة عن تارخيتها  كيفما كانت. فجميع الاديان_كماقال اصغرعلى انجينر_ سموية كانت او لا, لاتخرج من قضية تارخها, وكذلك القران. انزل القران فى شبه جزيرة العرب,فى الموقع الذى بعث رسولنا الكريم بجميع انواع ثقافاتها. اذن, كانت تارخية القران تخطيط الرب بالنسبة الى رسالة محمد نذيرا للعالم.[1] مرة اخرى.. ليس من الغريب والعجيب, عندما نجد نصر حامد ابو زيد يقول قولا اثاريا بان القران هوالمنتج الثقافى...!

فمن اهم المادة المعاصرة المنتجة من العلماء العصرية, الكيفية فى نزول الوحي الى محمد. وفى الحقيقة, تعد هذه المشكلة من اشكل ما كانت من عصر السلف حتى الان. وكل افراد البحث راجع الى سؤال واحد :

هل نزل القران على محمد لفظا ومعنى ؟ كما عرفنا انفا, بان الاصح عند جمهر السلف : لفظا ومعنى. أ هناك المشكلة اخرى؟ كيف المعالجون العصريون يحاولون عن تحليل هذه المشكلة ؟ ....

ومن اهم المشاكل التى تدور حول تحليلنا الان, كيفية تحويل الوحي من جهة جبريل الى محمد صلى الله عليه وسلم, من لغة جبريل الى اداء الوحي, من لغة محمد الى تحمل الوحي. اذا قلنا بالاصح عند 
السلف, فالكيفية شبيهة بحوار سكرتير رئيس الجمهورية مع الوزير. وهذا غني عن البيان.

اما اذا قلنا بالوجه الضعيف عند السلف _ بان القران نزل على محمد معنى ليس لفظا_ كيف تشريحه ؟ ..
وقد حلل فضل الرحمن ملك, المعالج و المثقف المشهور من فاكستان, فى احد كتبه : " فالنبي انسان له صفات و افعال وقيم فوق اغلبية الناس. كان محمد تحت هذه الرتبة بل ليس احد ينزل منزلته و يقوم مقامه. ومع هذا كله, هناك الساعة التي "يفوق فيها نفسه", و اصبحت جميع عناصر نفسه قوية كل القوة وبلغت نهاية التجلى حتى تصير افاقته و يقظته ووعيه موافقة باالقيم الاساسية فى القران التى هي القيم الالهي الازلية القديمة.كما قال تعالى :
وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ماكنت تدري ماالكتاب ولاالايمان ولكن جعلنه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا وانك لتهدى الى صراط المستقيم 
(الشورى : 52)


فتلك القيم الالهية تأتى من الله تعالى, ولو كانت خارجة من ولاية ذات الله. ولذالك كان القران كلام الله واصبح منهجا الهيا...عندما كانت جميع عناصر محمد موافقة بتلك القيم, ففى تلك الساعة الصافية نزل القران على محمد مقرونا بذالك الحال."فالقران كلام الله حقيقة و كلام محمد فى معناه العادي". قاله فضل الرحمن, قولا يؤدى الى تحكيم "العلماءاليمينية" بانه "منكرالقران".

جوكيا كرتا, مارس 2011



[1] Encyclopaedia of The Qur’an, ص. 319





[1]  الباجوري, كفاية العوام, دارالعلم, سوراباي, ص 57

0 comments

Posting Komentar